واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء- مع كون قولهم مرجوحا- قيدوه بالأمن من الفتنة. والفتنة غير مأمونة خصوصا في هذا الزمان الذي قل فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة، فاحذري من ذلك أيتها المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن الله.
ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديما وحديثا يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه.
ومن النساء المسلمات من يستعملن النفاق في الحجاب فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن، وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن. ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام وإذا دخلت محلا تجاريا، أو مستشفى، أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي، أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها كأنها عند زوجها أو أحد من محارمها. فاتقين الله يا من تفعلن ذلك.
ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج لا يحتجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد، وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية.
أيتها المسلمة: إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر، ويقطع عنك الأطماع المسعورة، فالزميه، وتمسكي به، ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه، فإنها تريد لك الشر كما قال الله تعالى : { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } [النساء:27].
وإذا خرجت المرأة إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب: تكون متسترة بالثياب والحجاب الكامل: قالت عائشة- رضي الله عنها-: « كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس » [متفق عليه]
وأن تخرج غير متطيبة: لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تمنعوا إماء الله، مساجد الله وليخرجن تفلات » [رواه احمد، وأبو داود]. معنى « تفلات » : أي غير متطيبات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة » [رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي].
وألا تخرج متزينة بالثياب والحلي: قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : « لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها » [متفق عليه]
وإن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس رضي الله عنه حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا » [رواه الجماعة إلا ابن ماجة]
وعنه: «صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا -أم سليم- » [رواه البخاري].
وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفا أو صفوفا خلف الرجال، لأنه صلى الله عليه وسلم « كان يجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان » [رواه احمد]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها » [رواه الجماعة إلا البخاري].
ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفا خلف الرجال، ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرحال، سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح أو كسوف أو صلاة عيد أو صلاة جنازة.
وإذا سها الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى ولقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ولتصفق النساء » وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ومنها سهو الإمام. وذلك، لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال فأمرت بالتصفيق ولا تتكلم.
وإذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد، وبقي الرجال جالسين: لئلا يدركوا من انصرف منهن لما روت أم سلمة قالت « إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله. فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال » .
قال الإمام النووي- رحمه الله- في المجموع: "ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء: أحدها: لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال. الثاني: تقف إمامتهن وسطتهن. الثالث: تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل. الرابع:
إذا صلين صفوفا مع الرجال، فآخر صفوفهن أفضل من أولها". انتهى.
ومما سبق يعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء.
وإذا كان الاختلاط ممنوعا في موضع العبادة فغيره من باب أولى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.